رواية العطار وبناته
ثم ذهبت إلى دار صالح وهي تتعجب من خسة تلك الجارة وإبنتها اللعينة فأحقر عبيدها لا يرضى بها زوجة لقبح لسانها
لم تكن خديجة مرحة كعادتها ولما سألتها البنات عن سبب غضبها حكت لهن عما حصل مع جارتهن فضحكن وقلن لها لا تهتمي بها فمشاكلها كثيرة مع كل الجيران لهذا لم يخطب إبنتها أحد رغم جمالها الساحر Lehcen Tetouani
غطت الجارة نفسها برداء وذهبت إلى عجوزة الستوت كما كانو يسمونها من قديم الزمان وأخبرتها قصتها وطلبت أن تدبر لها حيلة ليترك الأمير ياسمينة ويتزوج إبنتها،
قالت لها: الأول أريد أجرتي مسبقا فأنا أعرف شدة بخلك فأخرجت من حزامها صرة من الدنانير ورمتها لها فهزتها في يدها وهمست: إسمعي جيدا ما ستقومين به وحكت لها عن حيلتها الماكرة.
طرقت الجارة الباب فأجابت ياسمينة من هنا ؟
قالت: لقد أرسلتني خديجة وطلبت مني أن آخذك لدار مسعود فهو من أصدقاء الأمير وسيأتي لرؤيتك بعد قليل
ومن كثرة الشوق لم تفكر ياسمينة في أنها حيلة وذهبت معها دون علم إخوتها ولما وصلتا إلى دار مسعود
قالت له الجارة: لقد أعددت لك عصيدة حارة بالفلفل الأحمر لكني نسيتها على الطاولة سأرجع لإحضارها هل يمكنك ترك البنت بعض الوقت عندك ؟
كان للشيخ ولد وسيم يحب الضحك واللعب لما رأى ياسمينة فرح وقال لها مارأيك أن نلعب الشطرنج
أجابته لا مانع لدي وكانت تأمل لا يتأخر الأمير كثيرا
أما الجارة فجملت إبنتها وألبستها الذهب والحرير وأخذتها إلى القصر وطلبت مقابلة الأمير محمود وأعلمته أن ياسمينة تقابل في غيابه إبن مسعود الخياط وهي الآن في داره.
إحتار محمود وإشتد غيضه ولم يتريث أو يحاول فهم الحكاية فقال للحرس: جهزوا عربتي وسأرى هذا الأمر بنفسي وأركب الجارة وابنتها معه وطوال الطريق وهو ينظر إليها فلقد سحره جمالها وهيئتها التي تشبه الأميرات.
وقال لها: إبتعدي عني، فلا أريد أن أراك بعد الآن لا أنتِ ولا إخوتكِ هل فهمتِ
عندما ذهب الأمير بدأت ياسمينة تبكي وتشهق فوضع مسعود الخياط يديه على كتفيها وقال لها لا تبكي فهذا الولد لا يستحقك وهو مغرور ويعتقد أنك أحد خدمه ما رأيك ان أزوجك إبني برهان لقد رأيت أنّكما تليقان ببعض فأنتما تحبان الضحك والمرح
مسحت ياسمينة دموعها ولمحت برهان ينظر إليها بإعجاب وفضحت عيناه ما في قلبه لكنها لا تزال تحب الأمير محمود رغم قسوته عليها
كانت مشاعرها مضطربة وهي بحاجة الآن إلى الراحة لكن تذكرت في هذه اللحظة جارتهم منوبية وتساءلت من أين تعرف الأمير ولمذا لم يرسل القهرمانة كما تعود أن يفعل ؟
رافقها الشيخ إلى دارهم وحين فتح لها إخوتها الباب وجدتهم في أشد القلق عليها وكانت الكبرى تضع رداءا وتهم بالخروج للبحث عنها ولما رأينها صرخن: أين كنت كيف تخرجين دون أن تعلميننا هل أنساك الحب وصيّة أبينا ؟
كانت ياسمينة تنتظر أن يغضب منها أخواتها وهن محقات في ذلك فهي نفسها لا تعرف لماذا تصرفت هكذا ؟
قالت لهن:ليس الآن وقت اللّوم يجب أن نعرف لماذا فعلت جارتنا ذلك ؟
سألنها: أحقا تلك اللّعينة هي التي أخرجتك ؟
اعتقدنا أنك ذهبت إلى القصر لرؤية الأمير فنحن نعرف أنك لم تعودي تطيقين صبرا على فراقه
أجابت: لم يعد الحال كذلك لقد جاء إلى دار مسعود الخياط ولما رآني ألعب مع ولده أخبرني أنه لم يعد يرغب في رؤيتي ولا أي منكن
تساءلت الوسطى: أنا لا أفهم شيئا كيف تلاقيتما في نفس المكان لا شك أن كل ذلك مدبر بعناية ولكن لماذا ؟
نظرت إليها أختها الكبرى وردت يبدو أن الجارة تتجسس علينا وعلمت رغبة الأمير محمود في خطبة ياسمينة فأرادت أن تفوز به لابنتها البائرة
لما سمعت ياسمينة كلام أختها ضربت يدها عل رأسها وقالت: كم أنا حمقاء كيف لم أفكر في ذلك لقد خدعت الأمير وهو فتى لا يعرف كيد النساء
لكن البنات قلن لا شيئ يبرر الإساءة إليك كان عليه أن يتريث حقا لا ندري كيف يحكم المملكة وهو بهذا الطبع السيئ ؟
ردت ياسمينة لم يعد يعنيني شأنه فلقد عرض الشيخ مسعود خطبتي لولده برهان وأنا أفكر أن أقبل فهم جيراننا وبيتهم واسع ولا ينقصهم المال Lehcen Tetouani
فرح إخوتها وأجبن الشيخ صديق أبينا وحكاية هذا الأمير لا نرتاح لها فهو فتى مدلل لا يمكن الوثوق به ومع ذلك صمتنا لأجلك ولكي تنسين حزنك على أمك وما أدرانا أنه الآن مع إبنة الجارة يلعبان في حدائق القصر فرغم قبح لسانها فهي جميلة
ما فكرت فيه البنات كان صحيحا فلقد كانت إبنة الجارة وإسمها نورة تجلس مع الأمير يتحدثان وقال لها أنا أحب الهواء الطلق والصيد ولا أهوى حياة القصور فهناك لا أشعر بالراحة
أجابته البنت: أنا على عكسك يا مولاي أريد أن يحيط بي الخدم والحشم وأكلم الأشراف والملوك وأبتعد عن العامة فهم ناس لا خير فيهم
لما سمع الأمير ذلك تضايق منها فالعامة التي تتكبر عنها هم رعيته وجنده وقت الحرب ثم أن حياة الدعة والترف هو أكثر شيئ يمقته سألها: حسنا هل تلعبين الشّطرنج ؟
أجابت:لا
قال: لا بأس سأضرب على العود